بهشت ارغوان | حضرت فاطمه زهرا سلام الله علیها

بهشت ارغوان | حضرت فاطمه زهرا سلام الله علیها

ختم صلوات

ختم صلوات به نیت سلامتی و تعجیل در ظهور امام زمان (عج الله تعالی فرجه الشریف)

طبقه بندی موضوعی

۱۴۸ مطلب با موضوع «تغییر زبان» ثبت شده است

روى العلاّمة الطبرسی فی کتابه الاحتجاج بسنده عن عبد الله بن الحسن [ هو عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن بن علی بن طالب ( علیه السلام ) ] باسناده عن آبائه ( علیهم السلام ) : انه لما أجمع [ أی أحکم النیة و العزیمة ] أبو بکر و عمر على منع فاطمة ( علیها السلام ) فدکا ، و بلغها ذلک لاثت [ أی لفته ] خمارها [ الخِمار : المقنعة ، سمیت بذلک لان الرأس یخمر بها أی یغطى ] على رأسها ، و اشتملت [ الاشتمال الشیء جعله شاملا و محیطا لنفسه ]، بجلبابها [ الجلباب : الرداء والازار ] ، و اقبلت فی لمة ، [ أی جماعة و فی بعض النسخ فی لمیمة بصیغة التصغیر أی فی جماعة قلیلة ] من حفدتها [ الحَفَدَة : الاعوان و الخدم ] و نساء قومها ، تطأ ذیولها [ أی ان اثوابها کانت طویلة ، تستر قدمیها ، فکانت تطأها عند المشی ] ، ما تخرم مشیتها مشیة رسول الله ( صلى الله علیه وآله ) ، [ الخُرم : البرک ، النقص ، و العدول ]، حتى دخلت على أبی بکر ، و هو فی حشد [ أی جماعة ] من المهاجرین و الانصار و غیرهم ، فنیطت [ أی علقت ] دونها ملاء‌ة [ الملاء‌ة الازار ] ، فجلست ثم أنت انة اجهش [ اجهش القوم : تهیئوا ] القوم لها بالبکاء ، فارتج المجلس ، ثم امهلت هنیئة حتى اذا سکن نشیج القوم ، و هدأت فورتهم ، افتتحت الکلام بحمد الله و الثناء علیه و الصلاة على رسوله ، فعاد القوم فی بکائهم ، فلما امسکوا عادت فی کلامها ، فقالت ( علیها السلام ) :

( الحمد لله على ما انعم ، و له الشکر على ما الهم ، و الثناء بما قدم ، من عموم نعم ابتداها ، و سبوغ آلاء أسداها ، و تمام منن اولاها ، جم عن الاحصاء عددها ، و نأى عن الجزاء امدها ، و تفاوت عن الادراک ابدها ، و ندبهم لاستزادتها بالشکر لاتصالها ، و استحمد إلى الخلائق باجزالها ، و ثنى بالندب إلى امثالها ، و اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شریک له ، کلمة جعل الاخلاص بأولها ، و ضمن القلوب موصلها ، و أنار فی التفکر معقولها ، الممتنع من الابصار رؤیته ، و من الالسن صفته ، و من الاوهام کیفیته ، ابتدع الاشیاء لا من شیء کان قبلها ، و انشأها بلا احتذاء امثلة امتثلها کونها بقدرته ، و ذرأها بمشیته ، من غیر حاجة منه إلى تکوینها ، و لا فائدة له فی تصویرها ، الا تثبیتا لحکمته ، و تنبیها على طاعته ، و اظهارا لقدرته ، تعبدا لبریته ، اعزازا لدعوته ، ثم جعل الثواب على طاعته ، و وضع العقاب على معصیته ، زیادة لعباده من نقمته ، و حیاشة [ حاش الابل : جمعها وساقها ] لهم إلى جنته ، و اشهد ان أبی محمدا عبده و رسوله ، اختاره قبل ان ارسله ، و سماه قبل ان اجتباه ، و اصطفاه قبل ان ابتعثه ، اذ الخلائق بالغیب مکنونة ، و بستر الاهاویل مصونة ، و بنهایة العدم مقرونة ، علما من الله تعالى بما یلی الامور ، و احاطة بحوادث الدهور ، و معرفة بموقع الامور ، ابتعثه الله اتماما لامره ، و عزیمة على امضاء حکمه ، و انفاذا لمقادیر حتمه ، فرأى الامم فرقا فی ادیانها ، عکفا على نیرانها ، عابدة لاوثانها ، منکرة لله مع عرفانها ، فأنار الله بأبی محمد ( صلى الله علیه وآله ) ظلمها ، و کشف عن القلوب بهمها [ أی مبهماتها ، و هی المشکلات من الامور ] ، و جلى عن الابصار غممها [ الغمم : جمع غمة وهی : المبهم الملتبس و فی بعض النسخ ( عماها ) ] ، و قام فی الناس بالهدایة ، فانقذهم من الغوایة ، و بصرهم من العمایة ، و هداهم إلى الدین القویم ، و دعاهم إلى الطریق المستقیم .

ثمّ قبضه الله الیه قبض رأفة و اختیار ، و رغبة و ایثار ، فمحمد ( صلى الله علیه وآله ) من تعب هذه الدار فی راحة ، قد حف بالملائکة الابرار ، و رضوان الرب الغفار ، و مجاورة الملک الجبار ، صلى الله على أبی نبیه ، و أمینه ، و خیرته من الخلق و صفیه ، و السلام علیه و رحمة الله وبرکاته ) .

ثمّ التفتت إلى أهل المجلس ، و قالت : ( انتم عباد الله بصب امره و نهیه ، وحملة دینه و وحیه ، وامناء الله على انفسکم ، و بلغائه إلى الامم ، زعیم حق له فیکم ، و عهد قدمه الیکم ، و بقیة استخلفها علیکم : کتاب الله الناطق ، و القرآن الصادق ، و النور الساطع ، و الضیاء اللامع ، بینة بصائره ، منکشفة سرائره ، منجلیة ظواهره ، مغتبطة به اشیاعه ، قائدا إلى الرضوان اتباعه ، مؤد النجاة استماعه ، به تنال حجج الله المنورة ، و عزائمه المفسرة ، و محارمه المحذرة ، و بیناته الجالیة ، و براهینه الکافیة ، و فضائله المندوبة ، و رخصه الموهوبة ، و شرائعه المکتوبة .

فجعل الله الایمان ، تطهیرا لکم من الشرک ، والصلاة : تنزیها لکم عن الکبر ، و الزکاة ، تزکیة للنفس ، و نماء فی الرزق ، والصیام ، تثبیتا للاخلاص ، و الحج ، تشییدا للدین ، و العدل ، تنسیقا للقلوب ، و طاعتنا ، نظاما للملة ، و امامتنا ، امانا للفرقة ، و الجهاد ، عزا للاسلام ، و الصبر ، معونة على استیجاب الاجر ، والامر بالمعروف ، مصلحة للعامة ، و بر الوالدین ، وقایة من السخط ، و صلة الارحام ، منساه [ أی مؤخرة ] فی العمر و منماة للعدد ، و القصاص ، حقنا للدماء ، و الوفاء بالنذر ، تعریضا للمغفرة ، و توفیة المکائیل و الموازین ، تغییرا للبخس ، و النهی عن شرب الخمر ، تنزیها عن الرجس ، و اجتناب القذف، حجابا عن اللعنة ، و ترک السرقة ، ایجابا بالعفة ، و حرم الله الشرک ، اخلاصا له بالربوبیة ، فاتقوا الله حق تقاته ، و لا تموتن الا و أنتم مسلمون ، و اطیعوا الله فیما أمرکم به و نهاکم عنه ، فانه انما یخشى الله من عباده العلماء ) .

ثمّ قالت : ( أیها الناس اعلموا ، انی فاطمة ، و أبی محمد ( صلى الله علیه وآله ) اقول عودا وبدوا ، و لا اقول ما اقول غلظا ، و لا افعل ما افعل شططا [ الشَطَط : هو البعد عن الحق و مجاوزة الحد فی کل شیء ] لقد جاؤکم رسول من انفسکم عزیز علیه ما عنتم [ عنتم : انکرتم و جحدتم ] حریص علیکم بالمؤمنین روؤف رحیم .

 

فان تعزوه و تعرفوه ، تجدوه أبی دون نسائکم ، و اخا ابن عمی دون رجالکم ، و لنعم المعزى الیه ( صلى الله علیه وآله ) ، فبلّغ الرسالة ، صادعا [ الصدع هو الاظهار ] بالنِذارة [ الانذار : و هو الاعلام على وجه التخویف ] مائلا عن مدرجة [ هی المذهب و المسلک ] المشرکین ، ضاربا ثبجهم [ الثَبَج : وسط الشیء و معظمه ] آخذا باکظامهم [ الکَظَم : مخرج النفس من الحلق ] داعیا إلى سبیل ربه بالحکمة و الموعظة الحسنة ، یجف الاصنام [ فی بعض النسخ ( یکسر الاصنام ) و فی بعضها ( یجذ ) أی یکسر ] و ینکث الهام ، حتى انهزم الجمع و ولوا الدبر ، حتى تفرى اللیل عن صبحه [ أی انشق حتى ظهر وجه الصباح ] و اسفر الحق عن محضه ، و نطق زعیم الدین ، و خرست شقاشق الشیاطین [ الشقاشق : جمع شِقشقة و هی : شیء کالربة یخرجها البعیر من فیه اذا هاج ] و طاح [ أی هلک ] و شظ [ الوشیظ : السفلة و الرذل من الناس ] النفاق ، و انحلت عقد الکفر وا لشقاق ، وفهتم بکلمة الاخلاص [ أی کلمة التوحید ] فی نفر من البیض الخماص [ المراد بهم اهل البیت علیهم السلام ] ، و کنتم على شفا حفرة من النار ، مذقة الشارب [ أی شربته ] و نُهزة [ أی الفرصة ] الطامع ، و قبسة العجلان [ مثل فی الاستعجال ] و موطئ الاقدام [ مثل مشهور فی المغلوبیة والمذلة ] تشربون الطَرق [ ماء السماء الذی تبول به الابل وتبعر ] و تقتاتون القِدّ [ سیر بقد من جلد غیر مدبوغ ] اذلة خاسئین ، تخافون أن یتخطفکم الناس من حولکم ، فانقذکم الله تبارک و تعالى بمحمد ( صلى الله علیه وآله ) ، بعد اللتیا و التی ، و بعد أن منی ببهم الرجال [ أی شجعانهم ] و ذؤبان العرب ، و مردة اهل الکتاب ، کلما اوقدوا نارا للحرب اطفأها الله ، ان نجم [ أی ظهر ] قرى الشیطان [ أی امته وتابعوه ] او فغرت فاغرة من المشرکین [ أی الطائفة منهم ] ، قذف أخاه فی لهَوَاتها [ اللهوات ، و هی اللحمة فی اقصى شفة الفم ] ، فلا ینکفیء [ أی یرجع ] ، حتى یطأ جناحها باخمصه [ الاخمص مالا یصیب الارض من باطن القدم ] ، و یخمد لهبها بسیفه ، مکدودا فی ذات الله ، مجتهدا فی أمر الله ، قریبا من رسول الله ، سیدا فی أولیاء الله ، مشمرا ناصحا ، مجدا ، کادحا ، لا تأخذه فی الله لومة لائم ، و انتم فی رفاهیة من العیش ، و ادعون [ أی ساکنون ] ، فاکهون [ أی ناعمون ] آمنون ، تتربصون بنا الدوائر [ أی صروف الزمان أی کنتم تنظرون نزول البلایا علینا ] و تتوکفون الاخبار [ أی تتوقعون اخبار المصائب والفتن النازلة بنا ] ، و تنکصون عند النزال ، و تفرون من القتال ، فلما اختار الله لنبیه دار أنبیائه ، و مأوى اصفیائه ، ظهر فیکم حسکة النفاق [ فی بعض النسخ ( حسکیة ) و حسکة النفاق عداوته ] و سمل [ أی صار خلقا ] جلباب الدین [ الجلباب الازار ] و نطق الغاوین ، و نبغ خامل [ أی من خفى ذکره وکان ساقطا لانباهة له ] الاقلین ، و هدر [ الهدیر : تردید البعیر صوته فی حنجرته ] فنیق [ الفحل المکرم من الابل الذی لا یرکب و لا یهان ] المبطلین ، فخطر [ خطر البعیر بذنبه اذا رفعه مرة بعد مرة وضرب به فخذیه ] فی عرصاتکم ، و اطلع الشیطان رأسه من مغرزه [ أی مایخفى فیه تشبیها له بالقنفذ ، فانه یطلع رأسه بعد زوال الخوف ] هاتفا بکم [ أی حملکم على الغضب فوجدکم مغضبین لغضبه ] فألفاکم لدعوته مستجیبین ، و للعزة فیه ملاحظین ، ثم استنهضکم فوجدکم خفافا ، و احشمکم فألفا غضابا ، فوسمتم [ الوسم اثر الکی ] غیر ابلکم و وردتم [ الورود : حضور الماء للشرب ] غیر مشربکم ، هذا و العهد قریب و الکُلم [ أی الجرح ] رُحیب [ أی السعة ] و الجرح لما یندمل [ أی لم یصلح بعد ] و الرسول لما یقبر ، ابتدارا زعمتم خوف الفتنة ، ألا فی الفتنة سقطوا ، و ان جهنم لمحیطة بالکافرین ، فهیهات منکم ، و کیف بکم ، و انى تؤفکون ، و کتاب الله بین اظهرکم ، اموره ظاهرة ، و احکامه زاهرة ، و اعلامه باهرة ، و زواجره لایحة ، و أوامره واضحة ، و قد خلفتموه وراء ظهورکم ، أرغبة عنه تریدون ؟ ، ام بغیره تحکمون ؟ ، بئس للظالمین بدلا ، و من یبتغ غیر الاسلام دینا فلن یقبل منه و هو فی الاخرة من الخاسرین .

ثم لم تلبثوا الا ریث ، أن تسکن نفرتها [ نفرت الدابة جزعت وتباعدت ] و یسلس [ أی یسهل ] قیادها ، ثم اخذتم تورون و قدتها [ أی لهبها ] وتهیجون جمرتها ، و تستجیبون لهتاف الشیطان الغوی ، و اطفاء انوار الدین الجلی ، و اهمال سنن النبی الصفی ، تشربون حسوا [ الحسو : هو الشرب شیئا فشیئا ] فی ارتغاء [ الارتغاء : هو شرب الرغوة ، و هی اللبن المشوب بالماء ، و حسوا فی ارتغاء : مثل یضرب لمن یظهر ، و یرید غیره ] ، و تمشون لاهله و ولده فی الخَمرة [ الخمر : ماواراک من شجر و غیره ] ، و الضَراء [ أی الشجر الملتف بالوادی ] و یصیر منکم على مثل حز [ أی القطع ] المدى ، و وخز السنان فی الحشاء ، و انتم الان تزعمون ، أن لا إرث لنا ، افحکم الجاهلیة تبغون و من احسن من الله حکما لقوم یوقنون ؟ ، أفلا تعلمون ؟ ، بلى قد تجلى لکم کالشمس الضاحیة : أنی ابنته .

ایها المسلمون أغلب على ارثی ؟، یابن أبی قحافة أفی کتاب الله ترث أباک ، و لا ارث أبی ؟ ، لقد جئت شیئا فریا ! ، أفعلى عمد ترکتم کتاب الله ، و نبذتموه وراء ظهورکم ؟ ، اذ یقول : ( وورث سلیمان داود ) ، [ النمل : 16 ] ، و قال فیما اقتص من خبر یحیى بن زکریا اذ قال : ( فهب لی من لدنک ولیا ، یرثنی و یرث من آل یعقوب ) ، [ مریم : 6 ] ، و قال : ( و اولوا الارحام بعضهم اولى ببعض فی کتاب الله ) ، [ الانفال : 75 ] ، و قال : ( یوصیکم الله فی اولادکم للذکر مثل حظ الانثیین ) ، [ النساء : 11 ] ، و قال : ( إن ترک خیرا الوصیة للوالدین و الاقربین بالمعروف حقا على المتقین ) ، [ البقرة :180 ] ، و زعمتم : ان لا حظوة [ أی المکانة ] لی و لا ارث من أبی ، و لا رحم بیننا ، افخصکم الله بآیة اخرج أبی منها ؟ ، ام هل تقولون : أن اهل ملتین لا یتوارثان ؟ ، أو لست انا و أبی من اهل ملة واحدة ؟ ، أم انتم أعلم بخصوص القرآن من أبی و ابن عمی ؟ ، فدونکها مخطومة [ من الخِطام، و هو : کل مایدخل فی انف البعیر لیقاد به ] ، مرحولة [ الرَحل : هو للناقة کالسراج للفرس ] تلقاک یوم حشرک ، فنعم الحکم و الزعیم محمد ، و الموعد القیامة ، و عند الساعة یخسر المبطلون ، و لا ینفعکم اذ تندمون ، و لکل نبأ مستقر ، و سوف تعلمون من یأتیه عذاب یخزیه ، و یحل علیه عذاب مقیم ) .

ثمّ رمت بطرفها نحو الانصار فقالت : ( یامعشر النقیبة [ أی الفتیة ] و اعضاد الملة و حضنة الاسلام ، ماهذه الغَمیزَة [ أی ضعفة فی العمل ] فی حقی و السِنة [ النوم الخفیف ] عن ظلامتی ؟ ، أما کان رسول الله ( صلى الله علیه وآله ) أبی یقول : ( المرء یحفظ فی ولده ) ؟ ، سرعان ما أحدثتم ، و عجلان ذا إهالة [ أی الدسم ] و لکم طاقة بما احاول ، و قوة على ما اطلب و أزاول ، أتقولون مات محمد ( صلى الله علیه وآله ) ؟ فخطب جلیل ، استوسع وهنه [ وهنة الوهن : الخرق ] ، و استنهر [ أی اتسع ] فتقه و انفتق رتقه ، و اظلمت الارض لغیبته ، و کسف الشمس و القمر ، و انتثرت النجوم لمصیبته ، و اکدت [ أی قل خیرها ] الآمال ، و خشعت الجبال ، و أضیع الحریم ، و أزیلت الحرمة عند مماته ، فتلک و الله النازلة الکبرى ، و المصیبة العظمى ، لا مثلها نازلة ، و لا بائقة [ أی داهیة ] عاجلة ، اعلن بها کتاب الله جل ثناؤه ، فی افنیتکم ، و فی ممساکم ، و مصبحکم ، یهتف فی افنیتکم هنافا ، و صراخا ، و تلاوة ، و الحانا ، و لقبله ما حل بأنبیاء الله و رسله ، حکم فصل ، و قضاء حتم : ( و ما محمد الا رسول ، قد خلت من قبله الرسل أفان مات أو قتل انقلبتم على اعقابکم ، و من ینقلب على عقبیه ، فلن یضر الله شیئا ، و سیجزی الله الشاکرین ) ، [ آل عمران : 144 ] .

( أیّها بنی قیلة [ قبیلتا الانصار : الاوس و الخزرج ] أهضم تراث أبی ؟ ، و انتم بمرئ منی و مسمع ، و منتدى [ أی المجلس ] و مجمع ، تلبسکم الدعوة ، و تشملکم الخبرة ، و انتم ذوو العد و العدة ، و الاداة و القوة ، و عندکم السلاح و الجُنة [ ما استترت به من السلاح ] توافیکم الدعوة فلا تجیبون ، و تأتیکم الصرخة فلا تغیثون ، و انتم موصوفون بالکفاح ، معروفون بالخیر و الصلاح ، و النخبة التی انتخبت ، و الخیرة التی اختیرت لنا اهل البیت ، قاتلتم العرب ، و تحملتم الکد و التعب ، و ناطحتم الامم ، و کافحتم البهم ، لا نبرح [ أی لا نزال ] او تبرحون ، نأمرکم فتأتمرون ، حتى اذا دارت بنا رحى الاسلام ، و در حلب الایام ، و خضعت ثغرة الشرک ، و سکنت فورة الافک ، و خمدت نیران الکفر ، و هدأت دعوة الهرج ، و استوسق [ أی اجتمع ] نظام الدین ، فأنى حزتم بعد البیان ؟ ، و اسررتم بعد الاعلان ؟ ، و نکصتم بعد الاقدام ؟، و اشرکتم بعد الایمان ؟ ، بؤسا لقوم نکثوا ایمانهم من بعد عهدهم ، وهموا باخراج الرسول ، و هم بدؤکم اول مرة ، اتخشونهم فالله احق ان تخشوه ، ان کنتم مؤمنین .

ألا و قد أرى أن قد اخلدتم [ أی ملتم ] إلى الخفض [ أی السعة والخصب واللین ] ، و ابعدتم من هو احق بالبسط و القبض ، و خلوتم بالدعة [ الدعة : الراحة و السکون ] ، و نجوتم بالضیق من السعة ، فمججتم ماوعیتم ، و دسغتم [ الدسغ : الفیء ] الذی تسوغتم [ تسوغ الشراب شربه بسهولة ] ، فان تکفروا انتم و من فی الارض جمیعا ، فان الله لغنی حمید .

ألا و قد قلت ما قلت هذا على معرفة منی بالجذلة [ الجذلة : ترک النصر ] التی خامرتکم [ أی خالطتکم ] و الغدرة ، التی استشعرتها قلوبکم ، ولکنها فیضة النفس ، و نفثة الغیظ ، و خور [ أی الضعف ] القناة [ أی الرمح ، و المراد من ضعف القناة هنا ضعف النفس عن الصبر على الشدة ] و بثة الصدر ، و تقدمة الحجة ، فدونکموها فاحتقبوها [ أی احملوها على ظهورکم و دبر البعیر اصابته الدَبَرَة ، و هی جراحة تحدث من الرحل ] دبرة الظهر ، نقبة [ نقب خف البعیر رق و تثقب ] الخف ، باقیة العار ، موسومة بغضب الجبار ، و شنار الابد ، موصولة بنار الله الموقدة ، التی تطلع على الافئدة ، فبعین الله ما تفعلون ، و سیعلم الذین ظلموا أی مقلب ینقلبون ، و أنا ابنة نذیر لکم بین یدی عذاب شدید ، فاعلموا أنا عاملون ، و انتظر أنا منتظرون ) .

فاجابها أبو بکر عبد الله بن عثمان ، و قال : یا بنت رسول الله ، لقد کان ابوک بالمؤمنین عطوفا کریما ، روؤفا رحیما ، و على الکافرین عذابا الیما ، و عقابا عظیما ، ان عزوناه وجدناه اباک دون النساء ، و اخا إلفک دون الاخلاء [ الالف : هو الالیف بمعنى المألوف و المراد به هنا الزوج لانه إلف الزوجة ، و فی بعض النسخ : ابن عمک ] آثر على کل حمیم ، و ساعده فی کل امر جسیم ، لا یحبکم الا سعید ، و لا یبغضکم الا شقی بعید ، فأنتم عترة رسول الله ، و الطیبون الخیرة المنتجبون ، على الخیر ادلتنا ، إلى الجنة مسالکنا ، و أنت یا خیرة النساء ، و أبنة خیر الانبیاء ، صادقة فی قولک ، سابقة فی وفور عقلک ، غیر مردودة عن حقک ، و لا مصدودة عن صدقک ، و الله ماعدوت رأی رسول الله ، و لا عملت الا بإذنه ، و الرائد لا یکذب أهله ، و انی اشهد الله وکفى به شهیدا ، أنی سمعت رسول الله ( صلى الله علیه وآله ) یقول : ( نحن معاشر الانبیاء ، لا نورث ذهبا و لا فضة ، و لا دارا ولا عقار ، و إنما نورث الکتاب و الحکمة ، والعلم و النبوة ، و ما کان لنا من طعمة ، فلولی الامر بعدنا ، ان یحکم فیه بحکمه ) ، و قد جعلنا ماحولته فی الکراع و السلاح ، یقاتل بها المسلمون ، و یجاهدون الکفار ، و یجالدون المردة الفجار ، و ذلک باجماع من المسلمین ، لم انفرد به وحدی ، و لم استبد بما کان الرأی عندی ، و هذه حالی و مالی ، هی لک و بین یدیک ، لاتزوى عنک ، و لا ندخر دونک ، و انک وانت سیدة امة أبیک ، و الشجرة الطیبة لبنیک ، لا ندفع مالک من فضلک ، و لا یوضع فی فرعک و اصلک ، حکمک نافذ فیما ملکت یدای ، فهل ترین ان اخالف فی ذلک أباک ( صلى الله علیه و آله ) ؟

فقالت ( علیها السلام ) : ( سبحان الله ما کان أبی رسول الله ( صلى الله علیه وآله ) عن کتاب الله صادفا [ أی معرضا ] ، ولا لاحکامه مخالفا ! ، بل کان یتبع اثره ، و یقفو سوره ، أفتجمعون إلى الغدر اعتلالا علیه بالزور ، و هذا بعد وفاته شبیه بما بغى له من الغوائل [ أی المهالک ] فی حیاته ، هذا کتاب الله حکما عدلا ، و ناطقا فصلا ، یقول : ( یرثنی و یرث من آل یعقوب ) ، [ مریم : 6 ] ، و یقول : ( و ورث سلیمان داود ) ، [ النمل : 16 ] ،و بین عزوجل فیما وزع من الاقساط ، و شرع من الفرائض و المیراث ، و اباح من حظ الذکران و الاناث ، ما ازاح به علة المبطلین ، و أزال التظنی و الشبهات فی الغابرین ، کلا بل سولت لکم انفسکم أمرا ، فصبر جمیل ، و الله المستعان على ما تصفون ) .

فقال ابو بکر : صدق الله و رسوله ، و صدقت ابنته ، أنت معدن الحکمة ، و موطن الهدى و الرحمة ، و رکن الدین ، و عین الحجة ، لا ابعد صوابک ، و لا انکر خطابک ، هؤلاء المسلمون بینی و بینک ، قلدونی ما تقلدت ، و باتفاق منهم أخذت ما أخذت ، غیر مکابر و لا مستبد ، و لا مستأثر ، و هم بذلک شهود .

فالتفتت فاطمة ( علیها السلام ) إلى الناس ، و قالت : ( معاشر المسلمین المسرعة إلى قیل الباطل [ فی بعض النسخ : قبول الباطل ] المغضیة على الفعل القبیح الخاسر ، افلا تتدبرون القرآن ؟ ، أم على قلوب أقفالها ؟ ، کلا بل ران على قلوبکم ما اسأتم من اعمالکم ، فأخذ بسمعکم و ابصارکم ، ولبئس ما تأولتم ، و ساء ما به أشرتم ، و شر ما منه اغتصبتم ، لتجدن و الله محمله ثقیلا ، و غبه وبیلا ، اذا کشف لکم الغطاء ، و بان باورائه الضراء ، و بدا لکم من ربکم ما لم تکونوا تحتسبون ، و خسر هنالک المبطلون ) .

ثمّ عطفت على قبر النبی ( صلى الله علیه وآله ) ، و قالت :

 

قد کان بعدک انباء وهنبثة
 لو کنت شاهدها لم تکثر الخطب
انا فقدناک فقد الارض وابلها
واختل قومک فاشهدهم ولا تغب
وکل اهل له قربى ومنزلة
عند الاله على الادنین مقترب
ابدت رجال لنا نجوى صدورهم
 لما مضیت وحالت دونک الترب
تجهمتنا رحال واستخف بنا
 لما فقدت وکل الارض مغتصب
وکنت بدرا و نورا یستضاء به
علیک ینزل من ذی العزة الکتب
وکان جبریل بالآیات یؤنسنا
 فقد فقدت وکل الخیر محتجب
فلیت قبلک کان الموت صادفنا
لما مضیت وحالت دونک الکثب

 

ثمّ انکفئت ( علیها السلام ) ، و أمیر المؤمنین ( علیه السلام ) یتوقع رجوعها الیه ، و یتطلع طلوعها علیه ، فلما استقرت بها الدار ، قالت : لأمیر المؤمنین ( علیه السلام ) : ( یابن أبی طالب ، اشتملت شملة الجنین ، و قعدت حجرة الظنین ، نقضت قادمة ، [ قوادم الطیر : مقادم ریشه وهی عشرة ] الاجدل [ أی الصقر ] فخانک ریش الاعزل [ العزل من الطیر : ما لا یقدر على الطیران ] ، هذا ابن ابی قحافة یبتزنی [ أی یسلبنی ] نحلة أبی وبغلة [ البغلة ما یتبلغ به من العیش ] ابنی ! لقد اجهد [ فی بعض النسخ : اجهر ] فی خصامی ، و الفیته [ أی وجدته ] الد [ الالد : شدید الخصومة ] فی کلامی ، حتى حبستنی قیلة نصرها و المهاجرة وصلها ، و غضت الجماعة دونی طرفها ، فلا دافع و لا مانع ، خرجت کاظمة ، و عدت راغمة ، اضرعت [ ضرع : خضع وذل ] خدک یوم اضعت حدک إفترست الذئاب ، و افترشت التراب ، ما کففت قائلا ، و لا اغنیت طائلا [ أی ما فعلت شیئا نافعا ، وفی بعض النسخ : و لا اغیت باطلا : أی کففته ] و لا خیار لی ، لیتنی مت قبل هنیئتی ، و دون ذلتی عذیری [ العذیر بمعنى العاذر أی : الله قابل عذری ] الله منه عادیا [ أی متجاوزا ] و منک حامیا ، و یلای فی کل شارق ! ویلای فی کل غارب ! مات العمد ، و وهن [ الوهن : الضعف فی العمل او الامر او البدن ] العضد ، شکوای إلى أبی ! وعدوای [ العدوى : طلبک إلى وال لینتقم لک من عدوک ] إلى ربی ! اللهم انک اشد منهم قوة و حولا ، و اشد بأسا و تنکیلا ) .

فقال أمیر المؤمنین ( علیه السلام ) : ( لا ویل لک بل الویل لشانئک [ الشانیء : المبغض ] ، ثم نهنهی عن وجدک [ أی کفی عن حزنک و خففی من غضبک ] یاابنة الصفوة ، و بقیة النبوة ، فما ونیت [ أی ماکللت ولا ضعفت ولا عییت ] عن دینی ، و لا اخطأت مقدوری [ أی ما ترکت ما دخل تحت قدرتی أی لست قادرا على الانتصاف لک لما اوصانی به الرسول ] ، فان کنت تریدین البلغة ، فرزقک مضمون ، و کفیلک مأمون ، و ما اعد لک اضل مما قطع عنک ، فاحتسبی الله ) .

فقالت : ( حسبی الله ) ، و امسکت .

فَدَک : قریة بالحجاز ، بینها و بین المدینة یومان ، و قیل ثلاثة ، أفاءها الله على رسوله ( صلى الله علیه وآله ) فی سنة سبع من الهجرة صلحاً ، فهی مِمَّا لم یوجف علیها بخیل و لا رکاب .

فکانت خالصة لرسول الله ( صلى الله علیه وآله ) ، فیها عَینٌ فوَّارةَ ، و نخیل کثیرة ( معجم البلدان 4 / 238 ) .

بعد أن أصبحت خالصة لرسول الله ( صلى الله علیه وآله ) أوحى الله تعالى لنبیه : ( فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ ) ،( الروم : 38 ).

فجعل النبی ( صلى الله علیه وآله ) فَدَکاً طعمة

لفاطمة ( علیها السلام ) بأمْرِ اللهِ هَذا .

و قد تتابعت علیها الأحداث الآتیة :

1 - کانت بید فاطمة الزهراء ( علیها السلام ) مِن سَنَة سَبع من الهجرة النبویة ، و خلال حیاة النبی ( صلى الله علیه وآله ) ، و حتى تولَّى

أبو بکر الخلافة ، تُدیرها بواسطة وَکیلٍ لها فیها ، توزِّع ثمارها ، و ما تنتجه على فقراء المسلمین .

2 - لما تولَّى أبو بکر الخلافة ، سلبها من فاطمة الزهراء ( علیها السلام ) بِحُجَّة أنها فَیء المسلمین .

3 - وَهَبها معاویة إلى مَروان بن الحکم ، لِیُغِیظ بذلک آل الرسول ، و معنى ذلک أنها لم تکن مجرد قطعة أرضٍ ، و إنَّما معناها أکثر قیمة و أهمِّیة منها .

4 - وهبها مَروان إلى ابنه عبد العزیز ، فوَرَثها ابنه عمر منه ، و لمَّا ولی الأمر عمر بن عبد العزیز ، ردَّ فدکاً إلى أبناء فاطمة و

علی ( علیهما السلام ) .

5 - لما ولی یزید بن عبد الملک قَبَضَها ، فلمْ تَزَل فی أیدی بنی أمیة ، حتى ولی أبو العباس السفّاح الخلافة .

6 - دفعها أبو العباس السفاح إلى وُلْد علی مَرَّة ثانیة ، إلى أن ولی الأمر المنصور .

7 - لمَّا خرج بنو الحسن على المنصور ، قَبَض فدکاً منهم ، فرجعت بید بنی العباس .

8 - لمَّا اسْتَوَى الأمر للمأمون رَدَّ فَدَکاً إلى أبناء فاطمة و علیٍّ ( علیهما السلام ) ، بعْدَ أن استوثق عنها من القُضَاة فی دولته ، وک تب لهم بذلک کتاباً .

فقام دعبل الشاعر وأنشد :

أصْبَحَ وَجْهُ الزَّمَانِ قَدْ ضَحکَا      بِرَدِّ مَأمُون هَاشِمٍ فَدَکَا

( معجم البلدان 4 / 238 ، الکشَّاف للزمخشری 2 / 661 ، تفسیر فتح القدیر للشوکانی 3 / 224 ) .


نَحل النبی ( صلى الله علیه وآله ) فدکاً إلى بضعته ، الزهراء ( علیها السلام ) بوحیٍ من الله و تعالى : ( فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ ) ، (الروم : 38 ) ، سنة سبع من الهجرة ، و بقیت بیدها أکثر من ثلاث سنین ، فهل تغیَّرت حیاة فاطمة الزهراء و الإمام علی ( علیهما السلام ) ، حیث أنَّ فدکاً کثیر الغلاَّت ، وفیرة الثمار ؟

کلاَّ و ألف کلاَّ ، فلم یزل ذلک القرص من الشعیر ، و لم یزل ذلک الملح أو اللبن .


و هناک سؤال یتبادر إلى الأذهان ، و هو : أین تذهب غلاَّت و ثِمار و أموال فدک ؟


و الجواب : لقد کانت تقسَّم على الفقراء و المحتاجین من المسلمین ، بینما الإمام علی و فاطمة ( علیهما السلام ) یعیشان حیاة الزهد ، و العزوف عن الدنیا ، و زَبَارِجِها ، و بَهَارِجها .


و هنا تتبادر أسئلة أخرى : لماذا استولى علیها الحُکَّام ، و منعوا من استمرار إنفاق ثمارها فی سبیل الله ؟ و من انتفاع الفقراء و المحتاجین لها ؟


و لماذا هذا الإصرار من الزهراء و الإمام علیٍّ ( علیهما السلام ) بمطالبتهما بأموال بنی النظیر و فدک و سهم خیبر ، و بإرث فاطمة الزهراء ( علیها السلام ) من أبیها ، و غیر ذلک ؟


فهذا الإصرار على تحدِّی السلطة فی إجراءاتها الظالمة ، و مغاضبة الزهراء ( علیها السلام ) للغاصبین حتى توفِّیَت ، حیثُ أوصَتْ أنْ تُدفن لیلاً ، کل ذلک یجعلنا نتساءل عن السرِّ الکامن وراء تلک المطالبة ، و ذلک الإصرار.


و لعلنا نستطیع ، أن نستلْهِمَ من ذلک دروساً و عبراً للحیاة ، منها :


1 - إنَّ انتصار الحق و تأکیده ، و رفض الباطل و إدانته ، مِن المُثُل الإسلامیة العُلیا ، التی سَعَى النبی ( صلى الله علیه وآله ) و الأئمة الأطهار ( علیهم السلام ) إلى تثبیتها فی المجتمع الإسلامی ، و التأکید علیها فی مختلف ظروف الحیاة الإسلامیة .


فکانت هذه المطالبة شُعلة وَهَّاجَة ، تُنیر الدرب أمام المظلومین المغصوب حقَّهم ، و تحرق بوهجها ، و شَرَرِها الحُکَّام الظالمین على مَرِّ الأیام و الدهور .

فاطمة (س)


 
2 - إن موقف فاطمة الزهراء ( علیها السلام ) فی هذا الظرف الحَرِج ، و احتجاجاتها بالدستور الإسلامی ، القرآن الکریم ، و استشهادها بالصحابة ، یبیِّن مَدَى الانحراف الخطیر ، الذی حدث بمسیرة الإسلام و المسلمین ، بعد وفاة الرسول الأکرم ( صلى الله علیه وآله ) .

فحاولت الزهراء و علی ( علیهما السلام ) ، تحیید هذا الانحراف و تعدیله منذ لحظاته الأولى ، و کان هذا واجبهما أمام الله و المجتمع ، سواء أعادَ الحقُّ إلى أصحابه أو لم یعد .


3 - إن فاطمة الزهراء ( علیها السلام ) ، أعطَتْ درساً لکُلِّ المسلمین من وجوب قول الحق ، و الوقوف بوجه الحاکم الغاصب و الظالم ، و أنَّه لیس بمنأىً عن الحساب و العتاب و العقاب ، و لیس فوق القانون شیء .


و أنَّ الحاکم موجود لِحِمایة القانون ، و الالتزام بما یفرضه الشرع علیه من التزامات فی نِطاق موقفه ، و منصبه هذا.


4 - إن الاعتراض وا لمطالبة بالحق و العدالة لیسَتْ من اختِصاص الرجال ، بل من اختصاص کُلِّ شرائح المجتمع ، بما فیه
النساء ، لأنَّهُنَّ عنصر من عناصره .

5 - إن المطالبة بالحق ، و الانتصار لله تعالى ، لیس مشروط بإمکانیة الحصول على الهدف ، و إنما هو تسجیل موقف عقائدی مرتبط بالتصدِّی للانحراف ، و مطالِبٌ بتصحیح الأخطاء ، و مُنبِّه لِمَن غفل أو تغافل عن هذا الانحراف .


و کذلک هو إظهار مواقف کلا الطرفین ، من الظالم و المظلوم ، و صاحب الحق و مغتصبِه ، و الحاکم و الرعیَّة ، فإظهار مواقف الطرفین على حقیقتها أمام المجتمع ، تؤدِّی إلى تثبیت أُسُس الحقِّ و العدالة ، و تنوُّر فِکر الرعیَّة ، حتى لو کان الظالم شاهراً سیفَه ، أو مفرِّقاً أمواله لشراء العقول ، فإن العقل ، سیحکمُ ولو بداخل نفسه ، و تحت أستار ستائره ، بالحق و العدل .


6 - إن فاطمة الزهراء ( علیها السلام ) ، معصومة بِنَصِّ القرآن الکریم ، بالآیة الشریفة التی نقَلَها الفریقان : ( إِنَّمَا یُرِیدُ اللَّهُ لِیُذْهِبَ عَنکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَیُطَهِّرَکُمْ تَطْهِیرًا ) ، (الأحزاب : 33 )، و من غیر المُمکن ، أن تطالِب الزهراء بِحقٍّ لیس لها ، لأنَّ ذلک ینافی العصمة ، و غیرها غیر معصوم ، و هذا یعنی أن کلامها ( علیها السلام ) حُجَّة ، یجب الالتزام به ، و کلام غیرها ادِّعاءً ، و لیس بِحُجَّة .

فاطمة (س)


و أنَّ غضبَها ، و سخطَها ، غضبُ و سخطُ لله تعالى ، و لا یُخفَى أنها ( علیها السلام ) ماتت ، و هی واجدة و غاضبة على أولئک الذین أخذوا حقَّها ، و استأثروا به دونها .


و حینما أرادوا زیارتها فی مرضِها ، الذی استشهدت فیه ، فإنَّها لم تجب بالقبول ، بل قالت للإمام علی ( علیه السلام ) : ( البیتُ بیتُک ، و الحُرَّة زوجتُک ، اِفعل ما تشاء ) .


وحینما دخلا علیها ، و حاولا استرضاءها ، و بکیا لدیها ، أوضحت ( علیها السلام ) ، أنها غیر راضیة علیهما ، و أنهما أغضباها .


و لا زالت ( علیها السلام ) غاضبة ساخطة علیهما ، لأنها تعرف أنَّهما بَکَیا للتأثیر علیها عاطفیاً ، و لیس عن تراجع عن موقفهما ، أو تقدیم تنازُلات واعتذارات منهما .


و معنى ذلک إنهما ، أرادا استرضائها ولو لَفظیاً ، أو الإظهار للناس بأنها راضیة عنهما ، و أنها قد استقبَلَتْهُما ، فهی مُقرَّة على أفعالهما ، و قد طابَت نفسُها عن فدک ، و عن حقوقها المغتصَبَة الأخرى .


لکن وصیَّتها بأن تُدفَن لیلاً ، و من ثم تنفیذ هذه الوصیة من قبل الإمام علی ( علیه السلام ) قد فوَّت الفرصة ، و سدَّ السبیل على کل مُفترٍ مدافع عن الباطل ، و مبرِّرٍ للأفعال اللاأخلاقیة ، التی تتابعت على الزهراء ( علیها السلام ) .


و لمْ یبقَ لدیهم من سلاح إلا الطعن بالطاهرة بنت المصطفى ( علیها السلام ) ، و الانتقاص من شأنها ، و عدم الاعتناء بها ، و النیل من مقامها ، من أمثال قولهم : مَالَنَا و النساء ؟ و کذلک ردُّ طلبها ، و تمزیق کتابها ، و عدم الاعتناء بما تقوله ( علیها السلام ) ، و مطالبتها بالشهود ، و إلخ .



من أملاک فاطمة الزهراء ( علیها السلام ) سبعة بساتین ، أعطاها رسول الله ( صلى الله علیه وآله ) بأمر من الله عزّ وجلّ ،

تسمّى هذه البساتین بحوائط السبعة و العوالی ، و الحائط : هو الجدار ، و البستان ، الذی فیه جدار ، یسمّى حائطاً .

أسماء الحوائط السبعة :

البرقة ، و الدلال ، و المیثب ، و الصافیة ، و العواف ، و الحسنى ، و مشربة أُمّ إبراهیم ؛ سمّی بمشربة أُمّ إبراهیم ، لأنّ ماریة القبطیة ، ولدت إبراهیم ابن النبی ( صلى الله علیه وآله ) هناک .

قصّة الحوائط السبعة :

کان مخیریق من أحبار یهود ، و له أموال کثیرة و بساتین ، و عندما هاجر رسول الله ( صلى الله علیه وآله ) إلى المدینة ، أتى إلیه مخیریق الیهودی ، فأسلم و حسن إسلامه .

و فی معرکة أُحد خاطب مخیریق قومه الیهود بقوله : یا معشر الیهود ، و الله إنّکم لتعلمون ، أنّ محمّداً نبی ، و أنّ نصرته لحق ، قالوا : إنّ الیوم یوم السبت ، قال : لا سبت ، ثمّ أخذ سلاحه ، و قاتل حتّى قُتل ، فقال رسول الله ( صلى الله علیه وآله ) : ( مخیریق خیر یهود ) .

فدک

و قد أوصى مخیریق ، حین خرج إلى معرکة أُحد : إن أصبت فأموالی لرسول الله ( صلى الله علیه وآله ) ، یضعها حیث شاء ، و کانت أمواله حوائط سبعة ، فأصبحت بعد شهادته خالصة للنبی ( صلى الله علیه وآله ) ، ثمّ أعطاها لابنته فاطمة الزهراء ( علیها السلام ) .

و هذه البساتین ممّا طلبته فاطمة ( علیها السلام ) من أبی بکر ، حینما استوى علیها ، و کذلک سهمه ( صلى الله علیه وآله ) بخیبر و فدک .

و عن أبی بصیر قال : قال أبو جعفر ( علیه السلام ) : ( ألا أُحدّثک بوصیة فاطمة ( علیها السلام ) ؟ قلت : بلى ، فأخرج حقّاً أو سفطاً ، فأخرج منه کتاباً فقرأه : بسم الله الرحمن الرحیم ، هذا ما أوصت به فاطمة بنت محمّد ( صلى الله علیه وآله ) ، أوصت بحوائطها السبعة بالعواف و الدلال و البرقة و المبیت و المیثب و الحسنى و الصافیة و مال أُمّ إبراهیم ، إلى علی بن أبی طالب ، فإن مضى علی فإلى الحسن ، فإن مضى الحسن فإلى الحسین ، فإن مضى الحسین فإلى الأکبر من ولدی ، تشهد الله على ذلک ، و المقداد بن الأسود ، و الزبیر بن العوام ، و کتب علی بن أبی طالب ( علیه السلام )) .


سؤال یتبادرُ إلى الأذهان : لماذا لم یعترف القوم بحقِّ الزهراء ( علیها السلام )؟ وهی بنت نبیِّهم ( صلى الله علیه وآله ) ، ولماذا هذا التنکیل والتوهین لها ؟

وما قِیمة فَدَکٍ أمام ما یملکه الخلیفة من سیطرةٍ ، ومال ؟ وغیرها أسئلة کثیرة .

والجواب : لم تکن فَدَک هی المقصودة ، ولم یکن الإرث المادِّی هو المَعْنی بذلک ، وإنَّما کان القوم یرمون إلى أبعد وأبعد من ذلک .

فإن اعترفوا الیوم بِفَدَک للزهراء ، وأن الزهراء ( علیها السلام ) معصومة ، وأنَّ قولها حُجَّة ، فلا یمکن أن تنطقَ أو تعمل بما لا یرضی الله تعالى ، فسوف تأتیهم غداً مطالِبَة بِحقِّ بن عمِّها الإمام علی ( علیه السلام ) ، ناصبةً الدلیل الإلهی على مکانته ، ذاکرةً الآیات القرآنیة الکریمة ، والأحادیث النبویَّة الشریفة ، الدالَّة على منزلته ، فما یکون موقفهم حینذاک ؟ .

وکیف یُنفِّذون مَقولتهم عن النبی ( صلى الله علیه وآله ) : ( لا تَجْتَمعُ النبوَّة والخِلافَة فی بَنِی هَاشِم ) .

وعندئذٍ ستذهب کل أفعالهم وخُطَطِهم أدراج الریاح ، فلا یبقى معنىً للسقیفة ، ولا یَبقى سَبَب للهجوم على الدار ، وکَسر ضلع الزهراء ( علیها السلام ) ، وإسقاط محسن ( علیه السلام ) ، ولا یستطیع من یدافع عنهم من إیجاد الوسائل والتبریرات لذلک .

لمَّا استقام الأمر إلى الخلیفة أبی بکر ، بَعَثَ إلى فَدَک من أخرج وکیل فاطمة الزهراء ( علیها السلام ) منها .

فجاءت فاطمة الزهراء ( علیها السلام ) إلى أبی بکر ، ثم قالت : ( لِمَ تَمْنَعْنِی مِیرَاثِی یَا أبَا بَکْرٍ مِنْ أبِی رَسُولِ الله ( صل الله علیه وآله ) ؟ ، و أخْرَجْتَ وَکیلی مِنْ فَدَک ؟ ، وَ قَدْ جَعَلَها لِی رَسُولُ اللهِ ( صلى الله علیه وآله ) بِأمْرِ اللهِ تَعَالَى ؟ ) .

فقال لها أبو بکر : هَاتِی على ذلک بشهود .

فجاءت ( علیها السلام ) بأمِّ أیمن برکة بنت ثعلبة ، التی قال عنها رسول الله ( صلى الله علیه وآله ) : ( أمُّ أیْمَنٍ أمِّی بَعْدَ أُمِّی ) .

و کان ( صلى الله علیه و آله ) یُکرمها ، و یَزورها .

فقالت أم أیمن لأبی بکر : لا أشْهَدُ یَا أبا بَکْرٍ ، حتى أحتجَّ علیکَ بِما قالَهُ رسولُ الله ( صلى الله علیه وآله ) ، أُنْشِدُک بالله ، ألَسْتَ تَعْلَم أنَّ رَسولَ اللهِ ( صلى الله علیه وآله ) ، قال : ( أمُّ أیْمَنٍ امْرَأةٌ مِنْ أهْلِ الجنَّة ) .

فقال : بلى .

قالت : فأشْهدُ أنَّ الله عزَّ و جلَّ أوحى إلى رسول الله ( صلى الله علیه وآله ) : ( فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ ) ، (الروم : 38 ) ، فجعل ( صلى الله علیه وآله ) فدکاً لفاطِمَةَ بِأمرِ اللهِ تَعالى .

ثم شهد علی ( علیه السلام ) بِمِثل ما شهدَتْ بهِ أمُّ أیْمن ، فکتب أبو بکرٍ لها کتاباً و دفعه إلیها .

ثم دخل عمر ، فرأى الکتاب بید فاطمة الزهراء ( علیها السلام ) ، فقال لأبی بکرٍ : ما هذا الکتاب ؟ .

فقال أبو بکر : إن فاطمة ادَّعت فی فدک ، و شهدَتْ لها أمُّ أیمن و علی ، فکتبتُ لها .

فأخذ عمر الکتاب من فاطمة ( علیها السلام ) فتفلَ فیه ، و مزَّقَه ، و قال : هذا فَیء للمسلمین ، فإن أقامت شهوداً ، أن رسول الله ( صلَّى الله علیه وآله ) جعله لها ، و إلاَّ فلا حَقَّ لها فیه .

عجیب هذا الأمر !! ، و أکثر من عجیب ، خلیفةٌ یأمر بأمْرٍ ، و أحد أصحابه یتْفِلُ بالکتابِ ، و یمزِّقُه بمرأىً ، و بِمَسمعٍ من الخلیفة !! ، فهل هناک عَجَب أکثر من هذا ؟! .

قال

الرسول الأکرم محمد ( صلى الله علیه وآله ) لابنته فاطمة ( علیها السلام ) : ( یَا بُنَیَّة ، مَن صَلَّى عَلیکِ غَفرَ اللهُ لَهُ ، وَ أَلحَقَه بِی حَیثُ کُنتُ مِنَ الجَنَّة ) .

و قال ( صلى الله علیه وآله ) أیضاً : ( فَاطِمة بضعَةٌ مِنِّی ، یُؤذینی مَا آذَاهَا ، وَ یُریِبُنی مَا رَابَهَا ) ، إلى غیر ذلک من الأحادیث .

فإذا کانت فاطمة الزهراء ( علیها السلام ) تحتل هذه الدرجة من المقام الرفیع عند الله ، فمن لا یحب شرف الاقتران بها ، و إعلان رغبته فی التزوج بها من أکابر قریش .

فإنه قد تقدم لخطبتها من أبیها ( صلى الله علیه وآله ) أبو بکر ، و عُمَر ، و آخرون ، و کل یخطبها لنفسه ، إلا أن الرسول ( صلى الله علیه وآله ) ، یعتذر عن الاستجابة لطلبهم ، و یقول ( صلى الله علیه وآله ) : لَم یَنزِل القَضَاءُ بَعْد .

و قد روى

السید الأمین فی المجالس السَنیَّة ما مُلَخَّصُهُ : جاء علی ( علیه السلام ) إلى رسول الله ( صلى الله علیه وآله ) ، و هو فی منزل أم سَلَمة ، فَسلَّم علیه ، و جلس بین یدیه ، فقال له النبی ( صلى الله علیه و آله ) : ( أتیت لحاجة ) ؟

فقال ( علیه السلام ) : ( نعم ، أتیتُ خاطباً ابنتکَ فاطمة ( علیها السلام ) ، فَهل أنتَ مُزَوِّجُنِی ) ؟

قالت أم سلمة : فرأیت وجه النبی ( صلى الله علیه وآله ) یَتَهَلَّلُ فرحاً و سروراً ، ثم ابتسم فی وجه علی ( علیه السلام ) ، و دخل على فاطمة ( علیها السلام ) ، و قال لها : ( إن علیاً قد ذکر عن أمرک شیئاً ، و إنی سألت رَبِّی ، أن یزوجکِ خیر خلقه فما ترین ؟ ) ، فَسَکَتَتْ ( علیها السلام ) .

فخرج رسول الله ( صلى الله علیه وآله ) ، و هو یقول : ( اللهُ أَکبر ، سُکوتُها إِقرَارُها ) .

فعندها أمر رسول الله ( صلى الله علیه وآله ) أَنَس بن مالک أن یجمع الصحابة ، لِیُعلِن علیهم نبأ تزویج فاطمة لعلی ( علیهما السلام ) .

فلما اجتمعوا قال ( صلى الله علیه وآله ) لهم : ( إن الله تعالى أمرنی ، أن أُزَوِّج فاطمة بنت

خدیجة ، من علی بن أبی طالب ) .

ثم أبلغ النبی ( صلى الله علیه وآله ) علیاً بأن الله أمره ، أن یزوجه فاطمة على أربعمائة مثقال فضة ، و کان ذلک فی الیوم الأول من شهر ذی الحجة من السنة الثانیة للهجرة .

إن هذا الموقف النبوی المرتبط بالمشیئة الإلهیة ، یَستَثِیر أَمَامنا سؤالاً مهماُ ، و هو : لماذا لم یُرَخَّصُ لفاطمة ( علیها السلام ) بتزویج نفسها ؟

و لماذا لم یُرَخَّص للرسول ( صلى الله علیه وآله ) ، و هو أبوها و نَبِیُّها بتزویجها – و النبی ( صلى الله علیه وآله ) أولى بالمؤمنین من أنفسهم – إلا بعد أن نزل القضاء بذلک ؟

و جوابه : أنه لا بُدَّ من وجود سِرٍّ و حکمة إلهیة ، ترتبط بهذا الزواج ، و تتوقف على هذه العلاقة الإنسانیة ، أی علاقة فاطمة ( علیها السلام ) بنت رسول الله ( صلى الله علیه وآله ) بابن عمّه و أخیه علی بن أبی طالب ( علیه السلام ) ، الذی کان کما یُسمِّیه رسول الله ( صلى الله علیه وآله ) بـ( نَفْسِه ) .

و هو الذی تربَّى فی بیت رسول الله ( صلى الله علیه وآله ) ، و عاش معه ، و شَبَّ فی ظلال الوحی ، وَ نَمَا فی مدرسة النبوة .

و هکذا شاء الله أن تمتد ذریة رسول الله ( صلى الله علیه وآله ) عن طریق علی و فاطمة ( علیهما السلام ) ، و یکون منهما

الحسن و الحسین ( علیهما السلام ) ، سیدا شباب أهل الجنة أئمةً ، و هُدَاة لِهَذه الأمّة .

و لهذا کان زواج فاطمة ( علیها السلام ) أمراً إلهیاً ، لم یسبق رسول الله ( صلى الله علیه وآله ) إلیه ، و لم یتصرَّف حتى نزل القضاء – کما صرح هو نفسه ( صلى الله علیه وآله ) بذلک – .

یروی ابن بابویة بسند معتبر عن یونس بن ظبیان قال: ( قال الإمام الصادق(علیه السلام): لفاطمة(سلام الله علیها) تسعة أسماء عند الله عزّ وجلّ: فاطمة،  و الصدّیقة،  و المبارکة ، و الطاهرة ، و الزکیة ، الراضیة ، و المرضیة ، و المحدثة ، و الزهراء... الخ.

فاطمة

ثم قال(علیه السلام) : أتدری أیّ شئ تفسیر فاطمة ؟ ، قلت: أخبرنی یا سیدی ، قال: فطمت من الشر ،  ثم قال: لولا أنّ

أمیر المؤمنین(علیه السلام) ، تزوجها لما کان لها کفؤ إلی یوم القیامة على وجه الأرض ،  آدم فمن دونه.

و فی أحادیث متواترة عن الخاصة و العامّة جاء أنّها(سلام الله علیها) سمیت فاطمة لأن الله عزّ و جلّ فطمها ، و فطم شیعتها من النار. و قال

ابو جعفر محمد الباقر علیهما السلام، لما ولدت فاطمه علیها السلام، اوحی الله الى ملک فانطلق به لسان محمد صلى الله علیه و آله و سلم فسماها فاطمه، ثم قال ان الله تعالى فطمک عن الطمث.


الصدیقة

أی الکاملة فی الصدق، و سمیت بالصدیقة لأنها صدّقت بآیات ربها و بعثة أبیها و فضل بعلها و وصایته و بنیه من بعده ، و کانت صادقة فی عملها البار و عبادتها الممیّزة و اعتقادها الراسخ ، لا یدخلها الشک فی ذلک ، مؤیّدة لقوله تعالی"و الذین آمنوا بالله و رسله أُولئِکَ هم الصدیقون" ، (1) ، و قیل الصدیقة بمعنی المعصومة.


المبارکة

قال العلامة المجلسی(قدس سره) ، و المبارکة ، ذات البرکة فی العلم و الفضل و الکمالات و المعجزات و الأولاد الکرام.

و جاء فی

(تاج العروس) البرکة ، هی النماء و السعادة و الزیادة.

و قال

الراغب : و لما کان الخبر الإلهی یصدر من حیث لا یحبس ،  و على وجه لا یحصى و لا یحصر ، قیل ـ ما یشاهد منه زیادة محسوسة ـ: هو مبارک فیه ، و فیه برکة.

و لقد بارک الله فی السیدة فاطمة(سلام الله علیها) ، و جعل الله تعالى من نسل السیدة المبارکة ذریة رسول الله(صلى الله علیه و آله) ، و جعل الخیر الکثیر فی ذریتها ، علما أنها ماتت و ترکت ولدین هما الإمامان

الحسن و الحسین (علیهما السلام) ، و بنتین هما زینت و أم کلثوم , و کلنا یعرف أن الامام الحسن قتل مسموما ، و جاءت واقعة کربلاء لتتکفل بالإمام الحسین و أولاده ـ ما عدا الإمام علی بن الحسین السجاد ـ حتی لم یبق غیره... و قتل من أولاد الإمام الحسین سبعة ـ على قول ـ و اثنان

من ولد الزینب ، و أما أم کلثوم فإنها لم تعقب..

و استمر العداء لآل علی و عملت الأنظمة الحاکمة، علی مرّ السنین ، علی إبادة و قتل کل من یقع تحت أیدیهم...، و مع ذلک کله فقد جعل الله البرکة فی نسل فاطمة(سلام الله علیها) ، و هم الآن یملأون الأصقاع...


الطاهرة

و هذه التسمیة لا تحتاج لدلیل لأنها حظیت بآیة مشهورة جدا ، حیث قال تعالی:"إنَّما یُرِیدُ اللهُ لِیُذْهِبَ عَنْکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ یُطهِّرَکُمْ تَطْهِیراً"، (2)، و یؤکد ذلک حدیث أهل الکساء المعروف.

الزکیة

و المعنی ان الزهراء، قد زکّت نفسها بالاخلاق السامیة ، و أبعدت الشرور جمیعا من الغضب و الحسد و البخل و الکبر و الکسل و الأخلاق الذمیمة، و لأنها ربیبة بیت الرسالة و النبوّة و سیدة طاهرة و مطهرة و حوراء أنسیة حتى سماها رسول الله(أم أبیها) و أتمت حیاتها ببیت الإمامة و العصمة...


الراضیة

و هی من رضیت بقدر و قضاء الله تعالى ، و هذا أعلى درجات الإیمان ، و لأنها عانت المصائب و تحملت النوائب و الخوف و الاضطهاد و الفقر و الحرمان و المآسی و الأحزان و الهموم منذ نعومة أظافرها ، حتى وفاتها ، و هی فی عنفوان شبابها... و الجدیر بالذکر ان الله تعالى قد شملها بقوله"یا ایتها النفس المطمئنة* ارجعی الى ربک راضیة مرضیة" ، (3) ، لأنها راضیة بما أعد الله لها فی الدنیا من قضاء و قدر ، لذلک رضی الله عنها و أرضاها...


المرضیة

کانت السیدة الزهراء(سلام الله علیها) مرضیة عند الله(عزّ وجلّ) بسبب استقامتها و طاعتها بالمنزلة السامیة و الدرجة الرفیعة الراقیة...


المحدثة

من البدیهی أن یتساءل الإنسان ، هل تتحدّث الملائکة مع غیر الأنبیاء؟ ، و الجواب نعم ، و الآیة الکریمة تؤید ذلک"، وَ إذْ قَالَتِ الملَائِکَةُ یَا مَرْیَمُ.... یَا مَرْیَمُ اقْنُتِی لِرَبِّکِ وَاسْجُدی..."،  (4).

و الآیة الکریمة " قال إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّکِ لأَهَبَ لَکِ غُلَاماً زَکِیّاً" و الآیة"قالَ کَذَلِکِ قَالَ رَبُّکِ هُوَ عَلَیَّ هَیِّنٌ..." ، (5) ، و هناک آیات کثیرة تؤید ذلک...

و لذا فلا غرابة أن الملائکة تحدّث السیدة الزهراء(سلام الله علیها) لأنها سیدة نساء العالمین کمریم العذراء ،  و بالاضافة الى أنها إبنة سید الأنبیاء و المرسلین ؛ و قد روی

شیخ الصدوق فی(علل الشرائع) عن زید بن علی قال: ( سمعت أبا عبدالله(الصادق) یقول: إنما سمیت فاطمة محدَّثة ، لأن الملائکة کانت تهبط من السماء ، فتنادیها کما تنادی مریم بنت عمران ، فتقول الملائکة: یا فاطمة إن الله اصطفاک ، و طهَّرک ، و اصطفاک على نساء العالمین.


الزهراء

فی(ج 10 من البحار) عن أمالی الصدوق(ره) عنابن عباس قال: قال رسول الله(صلى الله علیه و آله): و أما ابنتی فاطمة ، فإنها سیَّدة نساء العالمین من الأولین و الآخرین ، و هی بضعة منی و هی نور عینی، و هی ثمرة فؤادی و هی روحی التی بین جنبیّ ، و هی الحوراء الإنسیة متى قامت فی محرابها بین یدی ربها(جل جلاله) زهر نورها لملائکة السموات ، کما یزهر نور الکواکب لأهل الأرض.

و هذا الحدیث یوضح معنی و سبب تسمیتها(سلام الله علیها) بالزهراء ، و أنها کانت تتمتع بوجه مشرق مستنیر زاهر، و انها کانت بیضاء اللون،  وعن جعفر بن محمد بن علی(علیهم السلام) - عن ابیه - قال: سالت

ابا عبدالله (علیه السلام)، عن فاطمه:لم سمیت الزهراء؟ ، فقال : لانها کانت اذا قامت فی محرابها یزهو نورها لاهل السماء ، کما یزهو نور الکواکب لاهل الارض ، و روی انها علیها السلام سمیت الزهراء ، لان الله عزوجل خلقها من نور عظمته ، و قیل انه حین وضعتها السیده خدیجه (علیهما السلام) حدث فی السماء نور زاهر لم تره الملائکه قبل ذلک الیوم، و بذلک لقبت بالزهراء.


البتول

إن الله سبحانه و تعالى کره لسیدة نساء ( الحوراء الانسیة ) ، التی تکونت من ثمار الجنَّة ، أن تتلوث ، و لذا أذهب عنها الرجس و طهّرها تطهیرا. و لقبت بالبتول، لانقطاعها عن نساء زمانها فضلا،  ودینا، و حسبا. و قیل لانقطاعها عن الدنیا الى الله تعالى. و فی تاج الدروس: لقبت فاطمه بنت رسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم) بالبتول ، تشبیها لها بمریم فی المنزلة عند الله تعالى.


الهوامش:

1ـ سورة الحدید ، الآیة: 19.

2ـ سورة الاحزاب، الآیة 33.

3ـ سورة الفجر ، الآیتان: 27و28.

4ـ سورة آل عمران ، الآیتان: 42.43.

5ـ سورة مریم ، الآیتان: 19و21.


بعد وفاة رسول الله ( صلى الله علیه وآله ) اشتدَّ علیها الحزن و الأسى ، و نزل بها المرض ، لِمَا لاقَتْهُ من هجوم أَزْلامِ الزُمرة الحاکمة آنذاک على دارها ، وَ عَصْرِهَا بَین الحَائطِ و البَابِ ، وَ سُقُوطِ جَنِینِها ، المُحسِن ( علیه السلام ) ، وَ کَسْرِ ضِلعِها ، وَ غَصبِ أَرضِهَا ( فَدَک ) .

فتوالت الأمراض على ودیعة النبی ( صلى الله علیه وآله ) ، و فَتک الحزن جِسمَها النحیلَ المُعذَّبَ ، حتى انهارت قواها ( علیه السلام ) .

فقد مشى إلیها الموت سریعاً ، و هی ( علیها السلام ) فی شبابها الغَض ، و قد حان موعد اللقاء القریب بینها ( علیها السلام ) ، و بین أبیها ( صلى الله علیه وآله ) الذی غاب عنها ، و غابت معه عواطفه الفَیَّاضة .

وَ لَمَّا بدت لها طلائع الرحیل عن هذه الحیاة ، طَلَبتْ حضورَ

أمیر المؤمنین ، علی ( علیه السلام ) ، فَعَهدتْ إلیهِ بِوَصِیَّتِها ، و مضمون الوصیة :

أن یُوارِی ( علیه السلام ) ، جثمانها ( علیها السلام ) المقدس فی غَلس اللَّیل البهیم ، و أن لا یُشَیِّعُها أحد من الذین هَضَمُوهَا ، لأنهم أَعداؤها ( علیها السلام ) ، و أعداء أبیها ( صلى الله علیه وآله ) - على حَدِّ تعبیرها - .

کَما عَهدت إلیه ، أن یتزوَّج من بعدها بابنة أختها أمَامَة ، لأنَّها تقوم بِرِعَایَة ولدیها

الحسن و الحسین ( علیهما السلام ) اللَّذَین هما أعزُّ عندها من الحیاة .

وعهدت إلیه ، أن یعفی موضع قبرها ، لیکون رمزاً لِغَضَبِهَا غیر قابلٍ للتأویل على مَمَرِّ الأجیال الصاعدة .

 وضمن لها أمیر المؤمنین ( علیه السلام ) جمیع ما عَهدَت إلیه ، و انصرف عنها ( علیها السلام ) ، و هو غارق فی الأسى و الشجون .

و فی آخر یوم من حیاتها ( علیها السلام ) ، ظهر بعض التحسّن على صحتها ،  بادیة الفرح و السرور ، فقد علمت ( علیها السلام ) ، أنها فی یومها تلحق بأبیها ( صلى الله علیه وآله ) .

و عمدت ( علیها السلام ) إلى ولدیها ( علیهما السلام ) فَغَسَلت لهما ، و صنعت لهما من الطعام ما یکفیهم یومهم ، و أمرت ولدیها بالخروج لزیارة قبر جدّهما ، و هی تلقی علیهما نظرة الوداع ، و قلبها یذوب من اللوعة والوجد .

فخرج الحسنان ( علیهما السلام ) ، و قد هاما فی تیار من الهواجس ، و أَحسَّا ببوادر مخیفة ، أغرقتهما بالهموم و الأحزان ، و التفت ودیعة النبی ( صلى الله علیه وآله ) إلى أسماء بنت عمیس ، و کانت تتولى تمریضها ، و خدمتها فقالت ( علیها السلام ) لها : یا أُمَّاه .

فقالت أسماء : نعم یا حبیبة رسول الله ( صلى الله علیه وآله ) .

فقالت ( علیها السلام ) : اسکبی لی غسلاً .

فانبرت أسماء ، و أتتها بالماء فاغتسلت ( علیها السلام ) فیه ، و قالت ( علیها السلام ) لها ثانیاً : إیتینی بثیابی الجدد .

فناولتها أسماء ثیابها ( علیها السلام ) .

ثم هتفت الزهراء ( علیها السلام ) ، بها مرة أخرى : اجعلی فراشی وسط البیت .

و عندها ذعرت أسماء ، و ارتعش قلبها ، فقد عرفت أن الموت قد حلّ بودیعة النبی ( صلى الله علیه وآله ) .

فصنعت لها ما أرادت ، فاضطجعت الزهراء ( علیها السلام ) على فراشها ، و استقبلت القبلة ، و التفتت إلى أسماء قائلة بصوت خافت : یا أُمَّاه ، إنی مقبوضة الآن ، و قد تَطَهَّرتُ فلا یکشفنی أحد .

و أخذت ( علیها السلام ) تتلو آیات من الذکر الحکیم ، حتى فارقت الروحُ الجسد ، وَ سَمت تلک الروح العظیمة إلى بارئها ، لتلتقی بأبیها ( صلى الله علیه وآله ) ، الذی کرهت الحیاة بعده .

و کان ذلک فی ( 13 من جمادی الأول ) من سنة ( 11 هـ ) ، و فی روایة أخرى أنه کان فی ( 13 ربیع الثانی ) من نفس السنة ، و فی روایة أخرى فی ( 3 جمادی الثانی ) من نفس السنة أیضاً .

و رجع الحسنان ( علیهما السلام ) إلى الدار ، فلم یجدا فیها أمهما ( علیها السلام ) ، فبادرا یسألان أسماء عن أمّهما ، ففاجئتهما ، و هی غارقة فی العویل و البکاء قائلة : یا سیدی إن أمّکما قد ماتت ، فأخبرا بذلک أباکما ، و کان هذا الخبر کالصاعقة علیهما .

فهرعا ( علیهما السلام ) مسرعین إلى جثمانها ، فوقع علیها الحسن ( علیه السلام ) ، و هو یقول : یا أُمَّاه ، کلمینی قبل أن تفارق روحی بدنی .

 وألقى الحسین ( علیه السلام ) نفسه علیها ،و هو یَعجُّ بالبکاء قائلاً : یا أُمَّاه ، أنا ابنک الحسین کلمینی قبل أن ینصدع قلبی .

و أخذت أسماء تعزیهما وتطلب منهما أن یسرعا إلى أبیهما ( علیه السلام ) فیخبراه ، فانطلقا ( علیهما السلام ) إلى مسجد جدّهما رسول الله ( صلى الله علیه وآله ) وهما غارقان فی البکاء ، فلما قربا من المسجد رفعا صوتهما بالبکاء ، فاستقبلهما المسلمون وقد ظنوا أنهما تذکرا جدّهما ( صلى الله علیه وآله ) فقالوا :

ما یبکیکما یا ابنَی رسول الله ؟ لعلّکما نظرتما موقف جدّکما ( صلى الله علیه وآله ) فبکیتما شوقاً إلیه ؟

فهرعا ( علیهما السلام ) إلى أبیهما وقالا بأعلى صوتهما : أَوَ لیس قد ماتت أُمُّنا فاطمة .

فاضطرب الإمام أمیر المؤمنین ( علیه السلام ) ، وهزَّ النبأ المؤلم کِیانَه ، وطفق یقول :

بمن العزاء یا بنت محمد ( صلى الله علیه وآله ) ؟

کنتُ بِکِ أتعزَّى ، فَفِیمَ العزاء من بعدک ؟

وخَفَّ ( علیه السلام ) مسرعاً إلى الدار وهو یذرف الدموع ، ولما ألقى نظرة على جثمان حبیبة رسول الله ( صلى الله علیه وآله ) أخذ ینشد ( علیه السلام ) :

لِکُلِّ اجتِمَاعٍ مِن خَلِیلَیْنِ فِرقَةٌ        وَکُلُّ الَّذی دُونَ الفِرَاقِ قَلیلُ

وَإِنَّ افتِقَادِی فَاطماً بَعدَ أَحمَد         دَلِیلٌ عَلى أَنْ لا یَدُومَ خَلِیلُ

وهرع الناس من کل صوب نحو بیت الإمام ( علیه السلام ) وهم یذرفون الدموع على ودیعة نبیهم ( صلى الله علیه وآله ) ، فقد انطوت بموت الزهراء ( علیها السلام ) آخر صفحة من صحفات النبوة ، وتذکروا بموتها عطف الرسول ( صلى الله علیه وآله ) علیهم ، وقد ارتَجَّت المدینة المنورة من الصراخ والعویل .

وعهد الإمام ( علیه السلام ) إلى سَلمَان أن یقول للناس بأن مواراة بضعة النبی ( صلى الله علیه وآله ) تأخّر هذه العشیة ، وتفرقت الجماهیر .

ولما مضى من اللیل شَطرُهُ ، قام الإمام ( علیه السلام ) فغسَّل الجسد الطاهر ، ومعه أسماء والحسنان ( علیهما السلام ) ، وقد أخذت اللوعة بمجامع قلوبهم .

وبعد أن أدرجها فی أکفانها دعا بأطفالها – الذین لم ینتهلوا من حنان أُمِّهم – لیلقوا علیها النظرة الأخیرة ، وقد مادت الأرض من کثرة صراخهم وعویلهم ، وبعد انتهاء الوداع عقد الإمام الرداء علیها .

ولما حَلَّ الهزیع الأخیر من اللیل قام ( علیه السلام ) فصلّى علیها ، وعهد إلى بنی هاشم وخُلَّصِ أصحابه أن یحملوا الجثمان المقدّس إلى مثواه الأخیر .

ولم یخبر ( علیه السلام ) أی أحد بذلک ، سوى تلک الصفوة من أصحابه الخُلَّص وأهل بیته ( علیهم السلام ) .

وأودعها فی قبرها وأهال علیها التراب ، ووقف ( علیه السلام ) على حافة القبر ، وهو یروی ثراه بدموع عینیه ، واندفع یُؤَبِّنها بهذه الکلمات التی تمثل لوعته وحزنه على هذا الرزء القاصم قائلاً :

( السَّلام عَلیکَ یا رسولَ الله عَنِّی وعنِ ابنَتِک النَّازِلَة فی جوارک ، السریعة اللحاق بک ، قَلَّ یا رسولَ الله عن صَفِیَّتِک صَبرِی ، وَرَقَّ عنها تَجَلُّدِی ، إِلاَّ أنَّ فی التأسِّی بِعظِیم فرقَتِک وَفَادحِ مُصِبَیتِک مَوضِعَ تَعَزٍّ ، فَلَقد وَسَّدتُکَ فِی مَلحُودَةِ قَبرِک ، وَفَاضَت بَینَ نَحری وصَدرِی نَفسُکَ .

إِنَّـا لله وإنَّا إلیه راجعون ، لقد استُرجِعَتْ الوَدیعةُ ، وأُخِذَتْ الرَّهینَة ، أمَّا حُزنِی فَسَرْمَدْ ، وَأمَّا لَیلِی فَمُسَهَّدْ ، إلى أَنْ یختارَ اللهُ لی دارَک التی أنتَ بِها مُقیم ، وَسَتُنَبِّئُکَ ابنتُکَ بِتَضَافُرِ أُمَّتِکَ على هَضمِها ، فَاحفِهَا السُّؤَالَ ، واستَخبِرْهَا الحَالَ ) .

فأعلن أمیر المؤمنین ( علیه السلام ) فی هذه الکلمات شکواه للرسول ( صلى الله علیه وآله ) على ما أَلَمَّ بابنتِه من الخطوب والنکبات ، وطَلبَ ( علیه السلام ) منه ( صلى الله علیه وآله ) أن یَلحَّ فی السُؤال منها ( علیها السلام ) ، لتخبِرَهُ ( صلى الله علیه وآله ) بما جرى علیها ( علیها السلام ) من الظُلم والضَیم فی تلک الفترة القصیرة الأمد التی قد عاشتها ( علیها السلام ) .

وعاد الإمام ( علیه السلام ) إلى بیته کئیباً حزیناً ، ینظر إلى أطفاله ( علیهم السلام ) وهُم یبکون على أُمِّهم ( علیها السلام ) أَمَرَّ البکاء .

ابتعثه اللهُ إتماماً لأمره ، و عزیمةً على إمضاء حُکْمه ، و إنقاذاً لمقادیر حتمه ، فرأى الأمم فِرَقاً فی أدیانها ، عُکَّفاً على نیرانها ، عابدةً لأوثانها ، مُنکِرةً لله مع عرفانها ، فأنار الله بأبی مُحمَّدٍ ( صلى الله علیه وآله ) ظُلَمَها ، و کشف عن القلوب بهمَها ، وَ جَلَى عن الأبصار غممَها .

وق ام فی الناس بالهدایة ، فأنقذهم من الغوایة ، و بَصَّرَهم من العمایة ، و هداهم إلى الدین القویم ، و دعاهم إلى الصراط المستقیم .




خـــانه | درباره مــــا | سرآغاز | لـــوگوهای ما | تمـــاس با من

خواهشمندیم در صورت داشتن وب سایت یا وبلاگ به وب سایت "بهشت ارغوان" قربة الی الله لینک دهید.

کپی کردن از مطالب بهشت ارغوان آزاد است. ان شاء الله لبخند حضرت زهرا نصیب همگیمون

مـــــــــــادر خیلی دوستت دارم