لمَّا استقام الأمر إلى الخلیفة أبی بکر ، بَعَثَ إلى فَدَک من أخرج وکیل فاطمة الزهراء ( علیها السلام ) منها .
فجاءت فاطمة الزهراء ( علیها السلام ) إلى أبی بکر ، ثم قالت : ( لِمَ تَمْنَعْنِی مِیرَاثِی یَا أبَا بَکْرٍ مِنْ أبِی رَسُولِ الله ( صل الله علیه وآله ) ؟ ، و أخْرَجْتَ وَکیلی مِنْ فَدَک ؟ ، وَ قَدْ جَعَلَها لِی رَسُولُ اللهِ ( صلى الله علیه وآله ) بِأمْرِ اللهِ تَعَالَى ؟ ) .
فقال لها أبو بکر : هَاتِی على ذلک بشهود .
فجاءت ( علیها السلام ) بأمِّ أیمن برکة بنت ثعلبة ، التی قال عنها رسول الله ( صلى الله علیه وآله ) : ( أمُّ أیْمَنٍ أمِّی بَعْدَ أُمِّی ) .
و کان ( صلى الله علیه و آله ) یُکرمها ، و یَزورها .
فقالت أم أیمن لأبی بکر : لا أشْهَدُ یَا أبا بَکْرٍ ، حتى أحتجَّ علیکَ بِما قالَهُ رسولُ الله ( صلى الله علیه وآله ) ، أُنْشِدُک بالله ، ألَسْتَ تَعْلَم أنَّ رَسولَ اللهِ ( صلى الله علیه وآله ) ، قال : ( أمُّ أیْمَنٍ امْرَأةٌ مِنْ أهْلِ الجنَّة ) .
فقال : بلى .
قالت : فأشْهدُ أنَّ الله عزَّ و جلَّ أوحى إلى رسول الله ( صلى الله علیه وآله ) : ( فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ ) ، (الروم : 38 ) ، فجعل ( صلى الله علیه وآله ) فدکاً لفاطِمَةَ بِأمرِ اللهِ تَعالى .
ثم شهد علی ( علیه السلام ) بِمِثل ما شهدَتْ بهِ أمُّ أیْمن ، فکتب أبو بکرٍ لها کتاباً و دفعه إلیها .
ثم دخل عمر ، فرأى الکتاب بید فاطمة الزهراء ( علیها السلام ) ، فقال لأبی بکرٍ : ما هذا الکتاب ؟ .
فقال أبو بکر : إن فاطمة ادَّعت فی فدک ، و شهدَتْ لها أمُّ أیمن و علی ، فکتبتُ لها .
فأخذ عمر الکتاب من فاطمة ( علیها السلام ) فتفلَ فیه ، و مزَّقَه ، و قال : هذا فَیء للمسلمین ، فإن أقامت شهوداً ، أن رسول الله ( صلَّى الله علیه وآله ) جعله لها ، و إلاَّ فلا حَقَّ لها فیه .
عجیب هذا الأمر !! ، و أکثر من عجیب ، خلیفةٌ یأمر بأمْرٍ ، و أحد أصحابه یتْفِلُ بالکتابِ ، و یمزِّقُه بمرأىً ، و بِمَسمعٍ من الخلیفة !! ، فهل هناک عَجَب أکثر من هذا ؟! .