یقول الإمام الحسن(علیه السلام) عن عبادة أمه الزهراء:
(رأیت أمی فاطمة قامت فی محرابها لیلة جمعة فلم تزل راکعة ساجدة حتى اتضح عمود الصبح وسمعتها تدعو للمؤمنین والمؤمنات وتسمیهم وتکثر الدعاء لهم ولا تدعو لنفسها بشیء فقلت لها: (یا أماه لم لا تدعین لنفسک کما تدعین لغیرک؟) فقالت: (یا بنی الجار ثم الدار).
وعن ابن عباس فی قوله تعالى: (کانوا قلیلا من اللیل ما یهجعون* وبالأسحار هم یستغفرون). الذاریات: 18- 19
قال: نزلت فی علی بن أبی طالب والحسن والحسین و فاطمة(علیهم السلام).
ولم تکن عبادة فاطمة مجرد صلاة ودعاء بمعزل عن المجتمع لأن العبادة الحقیقیة هی التحسس بمشاکل الناس ومحاولة إعانتهم وحل معضلاتهم.
فیروى أن رجلا جاء إلى النبی(صلى الله علیه وآله) فشکا إلیه الجوع فبعث إلى بیوت أزواجه فقلن: ما عندنا إلا الماء، فقال(صلى الله علیه وآله): (من لهذه اللیلة؟) فقال الإمام علی: (أنا) فاتى فاطمة فأعلمها فقالت: (ما عندنا إلا قوت الصبیة ولکنا نؤثر به ضیفنا)، فقال علی: (نومی الصبیة وأنا أطفئ للضیف السراج) ففعلت وعشى الضیف وبقوا هم جیاعا فلما أصبح أنزل الله علیهم هذه الآیة: (ویؤثرون على أنفسهم ولو کان بهم خصاصة ومن یوق شح نفسه فأولئک هم المفلحون). الحشر: 9
فاطمة هی العابدة التی لا تعرف الانکفاء على الذات ولا الإنطواء على نفسها، بل تجوع لکی یشبع الفقیر فإن هذا التجرد لم یفقد فاطمة الواقعیة والإحساس بمأساة الناس، نعم هذه هی العبادة الحقیقیة.
یقول الحسن البصری: ما کان فی هذه الأمة أعبد من فاطمة، کانت تقوم حتى تورمت قدماها.