وُلِدَت فاطمة الزهراء ( علیها السلام ) فی العشرین من جَمادی الآخرة ، من سنة خمس من البعثة ، و النبی ( صلى الله علیه وآله ) له من العمر خمسة و أربعین عاماً ، فأقامَتْ ( علیها السلام ) بمکة ثمان سِنین ، و بالمدینة عشر سنین ، ( بحار الأنوار 43 / 9 ح 16 ) .
لما حملت خدیجة ( علیها السلام ) بفاطمة الزهراء ( علیها السلام ) ، کانت فاطمة ( علیها السلام ) ، تحدِّثُها من بطنها وت صبِّرها ، وک انَتْ تَکتم ذلک من رسول الله ( صلى الله علیه وآله ) .
فدخل رسول الله ( صلى الله علیه وآله ) یوماً ، فسمع خَدیجَة تحدِّث فاطمة ( علیها السلام ) ، فقال ( صلى الله علیه وآله ) لها : ( یَا خَدِیجَة ، مَنْ تُحدِّثِینَ ؟ ) .
قالت : الجنین الذی فی بطنی یُحدِّثنی ، و یُؤنِسنی .
فقال ( صلى الله علیه وآله ) : ( یا خدیجة ، هذا جبرائیل یخبرنی أنَّها أنثى ، و أنَّها النَسلَة الطَّاهِرَة المَیْمُونَة ، وَ أنَّ اللهَ سَیَجْعل نَسْلِی مِنْهَا ، و سَیَجْعَل مِنْ نَسْلِهَا أئِمَّة ، و یَجْعَلهُم خُلَفَاء فِی أرْضِهِ بَعْدَ انقِضَاءِ وَحْیِه ) .
فلم تزل خدیجة ( علیها السلام ) على ذلک إلى أن حَضَرَت ولادتها ، فوجهت إلى نساء قریش و بنی هاشم ، أنْ تعالین لتلینَّ منِّی مَا تَلی النسَاءُ من النسَاءِ .
فأرسلْنَ إلیها ، أنتِ عَصیتِنَا ، و لم تقبَلِی قولَنا ، و تزوَّجتِ مُحمَّداً یتیم أبی طالب ، فقیراً لا مال له ، فلسْنَا نجیء و لا نَلِی من أمرک شیئاً .
فاغتمَّت خدیجة ( علیها السلام ) لذلک ، فبینما هی کذلک إذ دخل علیها أربع نسوَة سُمْر طِوال ، کأنَّهُنَّ مِن نساءِ بنی هاشم ، ففزعت مِنهنَّ لمَّا رأتْهُنَّ .
فقالت إحداهن : لا تحزنی یا خدیجة ، فإنَّا رُسُل ربِّک إلیک ، و نحن أخواتک ، أنا سارة ، و هذه آسیة بنت مزاحم ، و هی رفیقتُکِ فی الجنة ، و هذِهِ مریم بنت عمران ، و هذه کلثم ، أخت موسى بن عمران ، بَعَثَنا اللهُ إلیک لِنَلی منک ما تلی النساءُ من النساء .
فجلسَتْ واحدة عن یمینها ، و أخرى عن یسارها ، و الثالثة بین یدیها ، و الرابعة من خلفها ، فوضعَتْ فاطمةَ الزهراءِ ( علیها السلام ) طاهِرَة مُطهَّرة .
فلما فاطمةَ الزهراءِ ( علیها السلام ) سقطت إلى الأرض أشرق منها النُور ، حتى دخلَ بیوتات مَکَّة ، فلم یبْقَ فی شرق الأرض ، و لا غَربها موضعٌ إلاَّ أشرق منه ذلک النور .
و دَخلْنَ عشر من الحُورِ العین ، کلُّ واحدة منهن معها طَست ، و إبریق من الجنة ، و فی الإبریق ماء من الکوثر .
فتناولَتْها المرأة التی کانت بین یدیها ، فغسَّلتها بماء الکوثر ، و أخرجت خِرقَتَین بیضائین أشدَّ بیاضاً من اللَّبن ، و أطیب ریحاً من المسک و العنبر ، فلفَّتْها بواحدة و قنَّعَتْها بالثانیة .
ثم استنطقتها ، فنطقت فاطمة ( علیها السلام ) بالشهادتین ، و قالت : ( أشْهَدُ أنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ ، وَ أنَّ أبِی رَسُولَ اللهِ سَیِّدَ الأنْبِیَاءِ ، و أنَّ بَعْلِی سَیِّدَ الأوصِیَاءِ ، وَ ولْدِی سَادَة الأسْبَاطِ ) .
ثم قالت النسوة : خذیها یا خدیجة طاهرة مطهَّرة ، زکیَّة میمونة ، بورِکَ فیها وفی نَسْلِها ، فتناولَتْها فرحة مستبشرة ، و ألقمَتْها ثَدْیها فدرَّ علیها .
و کانت فاطمة الزهراء ( علیها السلام ) ، تنمو فی الیوم کما ینمو الصبی فی الشهر ، و تنمو فی الشهر کما ینمو الصبی فی السنة ( بحار الأنوار 43 / 2 ح 1 ) .